روائع مختارة | بنك الاستشارات | استشارات نفسية | أريد أن أبدأ حياتي.. من جديد

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > بنك الاستشارات > استشارات نفسية > أريد أن أبدأ حياتي.. من جديد


  أريد أن أبدأ حياتي.. من جديد
     عدد مرات المشاهدة: 3661        عدد مرات الإرسال: 0

السؤال:

السلام عليكم: أنا فتاة في الصف الثالث الثانوي، ومشكلتي أنني لا أعرف كيف أبدأ حياتي من جديد، فقد عشت متقوقعة داخل الماضي، بين ذكرياتي مع أمي التي كانت كل شيء بالنسبة لي، ولكنها ماتت فحرمت منها وأنا صغيرة، وبين مشاكلي الأسرية وتدهور مستواي الدراسي، ثم انتقالي لمرحلة المراهقة ومروري بمتاعب نفسية، وأنا والله إنسانة على قدر كبير من الالتزام ولله الحمد، وأحسب أنني كذلك، ودائما أستعين بالله، فكيف أتحرر من دائرة الماضي وأبدأ حياتي من جديد، وأعوض ما فاتني؟ وهل هناك أمل في تحقيق ذلك وكيف؟ علما أنني كنت كثيرا ما أشعر بالتحسن والتقدم، والهمة العالية والحماس، ولكن للأسف سرعان ما أصاب بالإحباط من جديد وتراجع فورة حماسي، فأدخل في دوامة من الذكريات الأليمة والتجارب الفاشلة، وهكذا عشت حياتي في استسلام للاكتئاب والانعزال، فلم يكن لدى أصدقاء أو من أثق بهم فأبثهم أحزاني وأشتكي إليهم، ومع أنني كنت أصغر أخواتي ولكنني لم أكن أقدر أن أحكي لأحدهم، وكان الشخص الوحيد الذي بحت له بكل شيء إنسان تعرفت عليه عبر برنامج الإنترنت منذ بداية العام، وكان بالنسبة لي صديقا إلكترونيا وكل ما بيننا لا يتعدى المحادثة كتابيا، أما حاليا فما كان بيننا قد انتهى تماما ولله الحمد، ولكنني خرجت من تجربتي هذه بفائدة وهي: أنني تعلمت الاعتماد على نفسي في حل مشاكلي، وعودت نفسي أن لا أبوح بأسراري لأي إنسان، وحاليا لا يشغلني إلا هاجس واحد هو: أن أتعلم كيف أقوي شخصيتي، وأرفع من همتي، وأصلح من ذاتي، وأنقذ نفسي، وكيف أغير من نظرتي لمستقبلي فأكون أكثر تفاؤلا، وهذا ما أطلب أن ترشدوني إلى سبل تحقيقه وكيف يكون ذلك؟

الجواب:

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد: أختي السائلة الكريمة، بداية أنوه بصراحتك في طرح مشكلتك وعرض تفاصيلها، ورغبتك في تجديد حياتك وطلب المساعدة في إيجاد حلول لمشكلتك التي تتلخص في أمور منها:

- الانغلاق على النفس والارتباط بالماضي

- وفاة الأم والحرمان من عاطفتها وحنانها في مرحلة الطفولة

- التعرض لمشاكل داخل الأسرة وتدهور المستوى الدراسي

- المعاناة من مشاكل نفسية وجنسية في مرحلة المراهقة

- الاستسلام للإحباط والاكتئاب النفسي واعتزال الناس وعدم الثقة بهم

- التخبط في دوامة من الذكريات الأليمة والتجارب الفاشلة

- خوض تجربة عاطفية تتحول لحب عبر شبكة الإنترنت

- فشل محاولات التغيير والإصلاح للنفس

أما الحلول التي أقدمها لك فهي كالتالي:

أولا: قبل كل شيء أريدك أختي الكريمة أن تكوني متفائلة، وأن تنظري لنفسك وحياتك ومستقبلك بنظرة إيجابية، حتى تجاربك الفاشلة وذكرياتك في الماضي ينبغي أن لا تتعدّى بالنسبة لك مجرد أحداث ومواقف مرت بحياتك وانتهت، واستفدت منها في صقل شخصيتك وتحصينها، وأضافت لك ثقافة معرفية وسلوكية تساعدك في تعاملك مع الناس والحياة، وتحافظ على رصيد قوتك وثقتك بنفسك، وتأكدي بأنك تمتلكين صفات طيبة وجميلة، يكفي التزامك بدينك واستعانتك بالله وتوكلك عليه، كذلك أنت ما زلت في مرحلة الشباب وأمامك فرص كثيرة للنجاح، ما عليك إلا التصميم على تحقيق ذلك.

ثانيا: لأجل أن تحقِّقي التغيير والإصلاح لنفسك وحياتك ينبغي عليك أولا أن تثقي باللهً، وتعتصمي به بيقين وإيمان صادق، وعمل مخلص، وتسُدِّي كل الثغرات والأبواب التي يتسلَّل منها الشيطان لنفسك فيهزمها، بالاشتغال بذكر الله عن ذكر ما سواه، والمواظبة على قراءة وحفظ ورد يومي من القرآن، والتقرب إلى الله بالدعاء ونوافل الطاعات، وحينها ستشعرين بالراحة والسكينة، وستصير حياتك عامرة برسالة نبيلة، لها قيمة عظيمة تشغلك عن اهتماماتك الدنيوية التافهة والبسيطة.

رابعا: لِتُغيِّري من نظرتك لنفسك وتُجَدّدي حياتك، وذلك بأن تتقَدَّمي للأمام بخطوات ثابتة ورزينة، وخُطَّة مدروسة، وتتطلَّعي للمستقبل بتفاؤل، وتمسحي من ذاكرتك طفيليات الماضي بتجاربه القاسية، وذكرياته الحزينة، وتُنَظِّفي قلبك وعقلك وروحك من كل الأسباب التي تؤثر على نفسيتك وتصيبك بالتوتُّر والإحباط.

خامسا: من خلال رسالتك لاحظت أختي الكريمة أن أغلب تركيزك مُنْصَب على تقوية شخصيتك، وتغيير نظرتك للمستقبل، والتحرر من الماضي، والإقبال على حياة جديدة، وهذا أمر مرغوب فيه وليس بعيد المنال، ولِتنجحي في ذلك احْرِصي على فهم نفسك وشخصيتك، وتتَقَبَّليها كما هي، وتَتَأَقْلَمي مع حياتك وواقعك، وأسرتك والمحيطين بك، وبالوقت نفسه تسعين لتصحيح ما يمكنك تصحيحه، ومعالجة ما تستطيعين معالجته من أمراض ومتاعب نفسية، وتعملين على تطوير كفاءاتك، وتنمية قدراتك العلمية، وتنشيط الأسباب والمؤثرات الإيجابية، باتباع مجموعة من الإرشادات منها:

- تجنَّبي الوحدة والعزلة، والتقوقع داخل مرحلة زمنية انتهت وخَلت.

- ابتعدي عن الانطواء على نفسك والتفكير لوحدك، والحوار مع نفسك، واستجلاب الذكريات الماضية، واسترجاع سلسلة المواقف القديمة، وعدم ربطها بمكانها وزمانها وأبطالها، فهذا سيجعلك تتخبَّطين بين مشاعر الحنين والاشتياق لأمك التي توفيت، ومشاعر الغربة والوحدة والفراغ العاطفي.

- حدِّدي الأفكار السلبية التي تنتابك وتشعرك بالاكتئاب النفسي، فهذا سيساعدك في محاربتها وصياغة أفكار جديدة مضادة لها، وابتكار برامج يومية جميلة وصحِّية، كممارسة رياضة يومية تناسبك كفتاة، ولو المشي لمدة زمنية تحدِّدينها بحسب قدرتك وما تسمح به ظروفك، أو القراءة والمطالعة للكتب والمراجع العلمية التي تساعدك في تحسين مستواك الدراسي، أو اكتساب مهارات كتعلُّم لغة جديدة، أو هواية تحبينها، أو مباشرة الكتابة اليومية لخواطرك أو لقطع شعرية أو أدبية، أو تدوين يومياتك، أو تسجيل تعليقاتك الذاتية، وملاحظاتك التي تعبِّرين من خلالها عما يتحرَّك بداخلك، أو إنجاز واجباتك الاجتماعية والمنزلية والعملية دون كسل أو تهاون، وحتى في حالة فشلك في الاستمرار على برنامج يومي معين، إياك أن تتضايقي أو تُصابي بالإحباط، فهذه حالة تصيب النفس البشرية فتتأرجح بين القوة والضعف، وبين الهمة والخمول، وبين الإقبال والإدبار، والقوي هو من يثبت على إصراره على تكرار المحاولة فلا ييأس، لأنه واثق بربه ومساعدته، وقوة سعيه المتواصل في طريق الإصلاح حتى النجاح.

- تعلَّمي لغة الحوار مع أسرتك وأخواتك، وشاركيهم اهتماماتهم واهتماماتك، وسجِّلي معهم تاريخا جديدا مليئا بالدفء الأسري، ووطِّدي علاقتك الطيبة بهم، واكسبي مودتهم ومحبتهم، وأحْسِني الظن بهم مهما أساؤوا إليك، وثِقي بأنهم أصدق حبا لك، وأخلص من تثقين بهم، وأحق بحديثك عن مشاكلك وأسرار نفسك، بلا خوف ولا خجل، وإلا ستجدين نفسك تتعلق بالغريب وتميل لأول شخص يحاول الاقتراب منك أو يحيطك بنوع من الحنان والحب ولو كان مزيفا.

- حاولي أن تتصفي بالاعتدال والوسطية في تقييمك العام لمجريات الماضي والحاضر والمستقبل، وأن تكوني وسطيةً في تفكيرك وتعاملك مع الآخرين، وفي الأخذ والعطاء، والتأثير والتَّأثُّر، ولا تضعي ثقتك الكاملة في الآخرين فتفرِّطي في تأمين نفسك، وحماية مصالحك من الانزلاق وراء طمع الطامعين، واستغلالهم لثقتك، والتغرير بك بجهل وحسن نية، ولا تنزعي ثقتك الكاملة فتسقطي في قطيعة مع الآخرين، بالمبالغة في الشك بهم وتكذيبهم.

- تعاملي مع المحيطين بك بصفاتهم وقيمهم الشخصية المختلفة عنك، فأنت بالحياة تنجحين مع من يُكَمِّلُك لا مع من يكون نسخة مكررة منك.

- نظِّمي حياتك وأحسني إدارة وقتك بصورة إيجابية، فنفسك إنْ لم تشغليها بالحق شغلتك بالباطل، وإن لم تشغليها بالاهتمام بالقضايا الجادة، والاهتمامات المثمرة، والهوايات النافعة، شغلتك بتفاهة التفكير فيما يسرق منك عمرك ولحظاتك الجميلة.

- ترَفَّعي عن الاهتمام بصغائر الأمور، والمشاكل البسيطة التي تحدث داخل البيت وخارجه، ووَجِّهي تركيزك نحو الأمور الإيجابية، أما التجارب والمواقف والأحداث السلبية فما عليك إلا مناقشها والخروج بحلول لها، بمساعدة أطراف أخرى حسنة وفاعلة، وبمشاركة الأسرة في حوار هادئ ونقاش بناء، يساعدك في تقوية علاقتك الأسرية والاجتماعية.

- حاولي أن تتواصلي مع رفيقاتك بالدراسة، وتتعلمي معهم لغة الحوار والنقاش، واطلبي مساعدتهم ودعمهم لك للرفع من مستواك الدراسي.

- حاولي أن تكسبي الصحبة الطيبة والخيِّرة من المحافظات على قيمهم الدينية وأخلاقهم العالية، فالإنسان قوي بغيره ضعيف لوحده، ويحتاج إلى من يعينه في أمور الدين والدنيا.

إذا فشلت كل محاولاتك في الخروج من حالة الاكتئاب النفسي، والتحرر من الماضي، يمكنك أن تلجئي لتطبيق مبادئ العلاج السلوكي المعرفي عن طريق المتابعة مع معالج نفسي.

أسأل الله العلي القدير أن ييسر لك أمورك كلها، ويوفقك في حل مشاكلك، وتصحيح نظرتك لنفسك وللحياة، ويثبتك على الحق دائما.

الكاتب: صفية الودغيري.

المصدر: موقع المسلم.